السياحة والترفيه

السياحة العلاجية.. مبادرة وطنية تتطلب تعاوناً حكومياً ومهنياً

يُعد ملف السياحة العلاجية من أبرز الملفات الاستثمارية ذات الأولوية، كونه قطاعاً حيوياً يدعم الاقتصاد الوطني ويعزز موقع الأردن على الخريطة الاستثمارية الإقليمية والعالمية.

وأكد خبراء ضرورة إعادة البريق لهذا القطاع الطبي البارز، خاصة بعد تراجع جاذبيته في مراحل سابقة.

في هذا السياق، أكد وزير الاتصال الحكومي والناطق الرسمي باسم الحكومة د. محمد المومني، أن الحكومة، منذ تشكيلها، ركزت على تنفيذ مجموعة من القرارات والإجراءات لتسريع الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال الأجنبية، بالتوازي مع إصلاحات وخدمات تهدف إلى تخفيف الأعباء عن المواطنين ورفع جودة الخدمات العامة.

وأضاف أن المؤشرات الاقتصادية الحديثة تشير إلى تحسن واضح في الأداء العام، حيث ارتفع حجم الاستثمارات الأجنبية، وزادت الصادرات الوطنية، وسجل الاحتياطي الأجنبي مستوى قياسياً، مع تحقيق نمو اقتصادي إيجابي.

ثروة وطنية أصيلة

ومن هنا، أوضح رئيس مجلس إدارة جمعية المستشفيات الخاصة د. فوزي الحموري، أن السياحة العلاجية في الأردن تمثل ثروة وطنية حقيقية لم تنشأ من عدم، بل هي نتاج إنجازات طبية متراكمة على مدى عقود طويلة.

وأضاف في تصريحات سابقة: “علينا أن نعترف جميعا أن ما تحقق لهذا القطاع، يعود لجهود الرواد من الأطباء الأردنيين، منذ خمسينيات القرن الماضي وتحديدا منذ سبعينياته، حين نفذوا عمليات نوعية، أكسبت الأردن سمعة إقليمية ودولية، وجعلت الطبيب الأردني معروفا بالمنطقة والعالم، وهذه السمعة يجب أن نبني عليها ونحافظ عليها”.

وأشار إلى أن البيئة الاستثمارية في تلك الفترة كانت مشجعة، مما جعل الأردن من الدول النادرة عالمياً التي يتجاوز فيها عدد المستشفيات الخاصة مجموع المستشفيات الحكومية والجامعية.

وتابع: “أكثر من 60 % من مستشفيات المملكة هي خاصة، تشغل أكثر من 40 ألف أردني في المستشفيات والقطاعات المساندة لها”.

وبين أن كل سرير في المستشفى يتطلب تشغيل ما بين 3 إلى 5 موظفين، مما يعني أن مستشفى يحتوي 200 سرير يوفر فرص عمل لحوالي ألف شخص.

تراث طويل في السياحة العلاجية

من جانبه، أكد الناطق الإعلامي باسم نقابة الأطباء د. حازم القرالة، أن الأردن يملك تراثاً طويلاً في السياحة العلاجية، جعله لعقود وجهة رئيسية للمرضى من دول المنطقة، بفضل كفاءاته الطبية الرفيعة وموقعه الجغرافي الاستراتيجي.

وأشار إلى أن التغيرات الاقتصادية الإقليمية وتطور البنى الصحية في الدول المجاورة وزيادة المنافسة، تفرض الانتقال من الاعتماد على السمعة التاريخية إلى بناء شراكة وطنية شاملة تقودها الحكومة، بمشاركة النقابات المهنية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لاستعادة مكانة الأردن في المنافسة الإقليمية والدولية.

وشدد على أن تطوير السياحة العلاجية مسؤولية مشتركة لا تقتصر على جهة واحدة، بل هي مبادرة وطنية تحتاج إلى إدارة متكاملة توحد التوجهات الحكومية مع الجهود المهنية، وتعالج العوائق البيروقراطية المتعلقة بتأشيرات المرضى ومرافقيهم، إلى جانب وضع استراتيجية ترويج عالمية منظمة، وتطوير الكوادر البشرية، ومنع تسرب الكفاءات الطبية.

وأضاف أن الحكومة هي الأقدر على قيادة هذه الشراكة بسبب مسؤوليتها عن التخطيط الوطني والاستثمار في القطاعات الاستراتيجية، مؤكداً دور نقابة الأطباء في صياغة السياسات الصحية، وتقديم الرؤية المهنية، وتنظيم المهنة، وحماية الطبيب كركيزة أساسية لنجاح القطاع.

وأوضح أن استعادة مكانة الأردن في هذا المجال هدف واقعي، عبر إعلان إطار وطني واضح للسياحة العلاجية يشمل جدولاً زمنياً وخططاً تنفيذية قابلة للقياس والتقييم.

ودعا الحكومة إلى تعزيز الشراكة والانفتاح على النقابات والمستثمرين والمؤسسات الصحية، لتحويل السياحة العلاجية إلى رافعة للتنمية الاقتصادية والصحية، وتعزيز موقع المملكة إقليمياً ودولياً.

ملف متعدد الأبعاد

بدوره، أكد مؤسس لجنة الأخلاقيات الطبية في نقابة الأطباء د. مؤمن الحديدي، أن ملف السياحة العلاجية في الأردن “موضوع متعدد التخصصات، والكفاءات، والأدوار”، مشدداً على أن نجاحه يبدأ من لحظة استقبال المريض في المطار والترحيب به.

ولإنجاح هذا الملف، يتطلب – وفقاً له – أن يكون الطب في أعلى درجات الاحترافية، بدءاً من التشخيص الدقيق، مروراً بالإجراءات الطبية والتدخلات الصحيحة، مع موافقة المريض وإطلاعه الكامل، وعند الخروج من المستشفى يجب تزويده بكل التفاصيل اللازمة بعد مغادرته.

وتابع: “عندما يجد المريض أموره ميسرة في المطار، ينتقل بعدها لمكان تقديم الخدمة حيث الأطباء والتمريض والصيادلة والفنيون، الذين يجب ان يكونوا على اعلى درجات المسؤولية”.

وشدد على أن المسألة ليست مسؤولية النقابات الصحية فقط، بل جهوداً مشتركة دون إغراق في الوعود أو مبالغة بتكلفة العلاج.

وشدد الحديدي على أن السياحة العلاجية مشروع وطني متكامل، يتطلب تضافر الجهود الطبية والمجتمعية واللوجستية، ليبقى الأردن وجهة علاجية رائدة في المنطقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى