البرلمان الأوروبي يمنح الضوء الأخضر لحزمة دعم مالي للأردن بنصف مليار يورو

صادق البرلمان الأوروبي على قرار يقضي بمنح الأردن حزمة مساعدة مالية كلية جديدة تبلغ قيمتها 500 مليون يورو. وتندرج هذه الخطوة تحت مظلة “آلية المساعدة المالية الكلية” التابعة للاتحاد الأوروبي، والتي صُممت خصيصاً لتعزيز الاستقرار الاقتصادي للمملكة وتمكينها من تجاوز التبعات السلبية للتوترات الإقليمية الراهنة والتقلبات الاقتصادية العالمية.
وقد حظي القرار بتأييد واسع النطاق داخل قبة البرلمان، حيث صوت لصالحه 585 نائباً، في حين امتنع 45 نائباً عن التصويت من إجمالي 664 نائباً شاركوا في الجلسة.
ويُمثل هذا التصويت إقراراً رسمياً لموقف البرلمان في القراءة الأولى ضمن المسار التشريعي الاعتيادي. ومن المقرر أن تنتقل مسودة القرار الآن إلى مجلس الاتحاد الأوروبي لاعتماد موقفه، تمهيداً لإتمام الإجراءات التشريعية النهائية ودخول حزمة المساعدات حيز التنفيذ الفعلي عقب مصادقة الجانبين.
أهمية الشراكة الاستراتيجية
وفي تعليق لها يوم الثلاثاء، شددت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، على أهمية هذه الخطوة، مؤكدة أن: “تعزيز دعم الأردن يسهم في ترسيخ الاستقرار الإقليمي وتعزيز الأمن المشترك لأوروبا”.
وأضافت ميتسولا قائلة إن: “تصويت البرلمان الأوروبي على المساعدة المالية الكلية للأردن يحمل أهمية خاصة، كونه يدعم المملكة في المضي قدمًا بالإصلاحات وتعزيز قدرتها على الصمود الاقتصادي، معتبرة ذلك استثمارًا في أحد الشركاء الاستراتيجيين لأوروبا”.
ووفقاً لوثيقة برلمانية رصدتها قناة “المملكة”، تأتي هذه المساعدة ضمن الجهود الأوروبية الرامية لدعم الاقتصاد الأردني في سد الفجوات التمويلية الخارجية، لا سيما مع تصاعد الضغوط الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط. وتُعد هذه الحزمة هي الخامسة من نوعها؛ حيث سبق للاتحاد الأوروبي تقديم أربع حزم مماثلة منذ عام 2014، بإجمالي 1.58 مليار يورو، كان آخرها قد أقر في نيسان الماضي بقيمة 500 مليون يورو لتغطية الفترة ما بين 2025 و2027.
وفي سياق متصل، نوهت المفوضية الأوروبية في مقترحها إلى استمرار الأردن في تنفيذ “رؤية التحديث الاقتصادي 2022–2033″، وحفاظه على شراكته الوثيقة مع صندوق النقد الدولي عبر برنامج “التسهيل الممتد” (1.2 مليار دولار للأعوام 2024–2027)، الذي سجل مراجعات إيجابية، بالإضافة إلى حصوله على تمويل بقيمة 700 مليون دولار عبر “أداة المرونة والاستدامة”.
وكان الجانبان قد أطلقا في كانون الثاني 2025 شراكة استراتيجية شاملة ترتكز على عدة محاور حيوية، أبرزها:
- السياسة والتعاون الإقليمي.
- الأمن والدفاع.
- الصمود الاقتصادي والتجارة والاستثمار.
- تنمية رأس المال البشري.
- ملفات الهجرة وحماية اللاجئين.
التحديات الاقتصادية والتوترات الإقليمية
جاء هذا الدعم استجابة لطلب رسمي تقدمت به الحكومة الأردنية في كانون الثاني 2025، أوضحت فيه أن التطورات الإقليمية—وخاصة التوتر بين إسرائيل وإيران وما رافقه من إغلاق للمجال الجوي—أدت إلى تعميق حالة عدم اليقين الاقتصادي، وتراجع قطاعي السياحة والاستثمار، فضلاً عن تأثر الصادرات والاستهلاك المحلي.
وتشير وثيقة المقترح إلى أن استمرار حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، بما في ذلك الحرب في غزة، والأوضاع في لبنان، وسقوط النظام في سوريا، والتصعيد الإسرائيلي-الإيراني، ألقى بظلاله القاتمة على الاقتصاد الأردني.
وقد انعكست هذه الظروف على المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لعام 2024 كما يلي:
- النمو الاقتصادي: بلغ نحو 2.5%.
- التضخم: ظل دون 2% (بفضل انخفاض أسعار الواردات والسياسة النقدية).
- البطالة: لا تزال مرتفعة عند 21.4% (مع نسب أعلى بين الشباب والنساء).
- عجز الموازنة: ارتفع إلى 5.6% من الناتج المحلي.
- الدين العام: وصل إلى 90.4% من الناتج المحلي الإجمالي (دون احتساب ديون الضمان).
- عجز الحساب الجاري: اتسع لنحو 6% نتيجة تراجع السياحة والصادرات.
شروط وآليات تقديم المساعدة
بموجب القرار، سيتم تقديم مبلغ الـ 500 مليون يورو بالكامل على شكل قروض ميسرة طويلة الأجل، تُصرف على ثلاث دفعات خلال مدة تصل إلى عامين ونصف من تاريخ سريان مذكرة التفاهم.
وترتهن عملية الصرف بالتزام الأردن بتنفيذ برنامج قوي مع صندوق النقد الدولي، وتطبيق حزمة من الإصلاحات المتفق عليها والتي تغطي المجالات التالية:
- الإدارة المالية العامة وتعبئة الإيرادات.
- سياسات سوق العمل.
- الحوكمة والشفافية.
- قطاع الطاقة والمرافق العامة.
- تحسين بيئة الأعمال.
وتؤكد الوثيقة الأوروبية أن هذه المساعدة تأتي في إطار سياسة الاتحاد لدعم الاستقرار الاقتصادي وتمكين الأردن من مواصلة مسار الإصلاحات ضمن شراكة طويلة الأمد، مما يعزز قدرة المملكة على مواجهة الأزمات الإقليمية والحفاظ على استقرارها المالي مستقبلاً.



