تحديث “سند”: خطوات نحو تعزيز الرقمنة وزيادة الاعتماد على التطبيق

أعلنت وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة مؤخرًا عن خطتها لتحسين واجهة تطبيق “سند” في المرحلة القادمة، حيث أكد الخبراء أن الجهود المكثفة لتطوير وتحسين تفاعل المستخدم تمثل المفتاح الأساسي لنجاح الرقمنة، ورفع معدلات الاستخدام ليلبي الاحتياجات اليومية للمواطنين.
وأوضح المتخصصون أن هناك حاجة ماسة حاليًا لتعزيز “تجربة المستخدم” في تطبيق “سند”، من خلال تبسيط الواجهات وتحسين مسار الوصول إلى الخدمات، بدءًا من التسجيل وتصفح الخيارات وإنجاز الإجراءات الرقمية التي تلبي المتطلبات العملية واليومية.
وأشار الخبراء إلى العوائق التي تعرقل انتشار التطبيق، مثل نقص الربط بين الأنظمة الحكومية المتنوعة، وعدم وجود تجربة موحدة وبسيطة، وقلة الوعي الرقمي حول فوائد “سند” وكيفية التعامل معه، بالإضافة إلى مشكلات في تصميم الواجهة وإجراءات التسجيل والتحقق.
كما لفتوا إلى تحدٍ آخر يتمثل في غياب التحفيزات الرقمية للاستخدام الدوري (كالمكافآت أو الخدمات الشخصية)، وعدم التكيف مع الفئات المتنوعة (كالكبار في السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو المناطق ذات الاتصال الضعيف).
وأكدوا أن تحسين تجربة المستخدم سيحقق ثلاثة أهداف أساسية: زيادة عدد مستخدمي “سند”، ورفع معدلات الرضا، وتوسيع الخدمات الحكومية والمزايا المتاحة عبر التطبيق.
يُعد تطبيق “سند” المدخل الرئيسي للخدمات الحكومية الرقمية، إذ يتيح للمستخدمين الاستعلام عن الخدمات وإنشاء هوية إلكترونية للوصول إلى الوثائق الرسمية، وتقديم الطلبات، ومراجعة السجلات الشخصية، وتوقيع الوثائق إلكترونيًا، وتسديد الفواتير، مع الكثير من الإمكانيات الأخرى.
أما الأرقام الحالية لـ”سند” فهي متواضعة مقارنة بعدد مستخدمي الإنترنت في المملكة (حوالي 11 مليون من إجمالي 11.8 مليون نسمة)، حيث أفادت الوزارة بأن الاستخدام الأسبوعي يصل إلى 500 ألف مستخدم، مع 3-5 ملايين عملية رقمية شهريًا بين الاستعلامات والخدمات، بالإضافة إلى تفعيل 1.8 مليون هوية رقمية حتى الآن.
تعريف تجربة المستخدم
يُعَرِّف الشريك المؤسس في صندوق “فكر فنتشرز” محمد خواجا “تجربة المستخدم” بأنها “الانطباع الشامل الذي ينشأ لدى المستخدم أثناء تفاعله مع التطبيق، من حيث اليسر والسرعة والثقة في إنجاز الخدمة المطلوبة بأقل مجهود”.
وأكد الخواجا أهمية هذا المفهوم في العالم الرقمي وفي برمجة التطبيقات الذكية عمومًا، و”سند” بشكل خاص، لدوره في تسهيل الوصول إلى الخدمات الحكومية إلكترونيًا بطريقة مريحة وسريعة، مما يعزز الثقة بالرقمنة ويقلل الاعتماد على الإجراءات الورقية والزيارات الميدانية.
هل نحن بحاجة ماسة لتحسين تجربة المستخدم اليوم؟
يرى الخواجا أن هناك حاجة حادة حاليًا لتطوير “سند” وتحسين تجربة المستخدم، لأن المستخدم الأردني أصبح أكثر تطلبًا ويقارن الخدمات الحكومية بالتطبيقات العالمية، مشيرًا إلى أن أي تعقيد أو تأخير قد يعيق الانتشار ويقلل التأثير المجتمعي.
وأكد أن التحديات تشمل ضعف الوعي الرقمي لدى بعض الفئات، وصعوبة تسجيل الدخول أحيانًا بسبب التحقق الأمني، والحاجة إلى واجهة أبسط وأكثر سلاسة، بالإضافة إلى نقص التواصل المستمر لتوضيح الميزات والخدمات الجديدة.
وقال: “تجربة تطبيق ‘سند’ خطوة رائدة، لكنها تحتاج تطويرًا مستمرًا لتواكب توقعات المستخدم الأردني، وتجعل الخدمات الحكومية أكثر إنسانية ويسرًا”.
ماذا يشمل مفهوم “تجربة المستخدم”؟
يُعَرِّف الخبير التقني هاني البطش “تجربة المستخدم” بأنها “الانطباع الإجمالي الذي يتشكل لدى المستخدم أثناء تفاعله مع منتج أو خدمة رقمية، سواء موقعًا إلكترونيًا أو تطبيقًا ذكيًا أو نظامًا حكوميًا”.
وأوضح أنها تشمل كل مراحل التفاعل: من الوصول السهل والأداء السريع والتصميم البسيط، إلى الثقة والأمان والرضا بعد الاستخدام.
وأكد البطش أن هناك حاجة فورية لتطوير تجربة المستخدم في “سند”، إذ قطع التحول الرقمي في الأردن شوطًا كبيرًا، لكن المرحلة التالية تركز على “جودة التفاعل، لا مجرد توسيع الخدمات”.
وقال: “إذا لم يشعر المواطن باليسر والسلاسة في التطبيقات، فلن تتحقق الكفاءة الرقمية مهما تطورت الأنظمة”.
تجربة المستخدم ليست مسألة جمالية فقط
يرى البطش أن تجربة المستخدم لم تعد مجرد “تصميم جمالي”، بل عامل استراتيجي في الرقمنة، إذ يساهم تحسينها في زيادة الإقبال والاستخدام الفعلي، وخفض التكاليف التشغيلية عبر تقليل الدعم الفني والزيارات الميدانية.
وأكد أنها تعزز الثقة الرقمية بين المواطن والجهات الحكومية، وتحسن صورة الدولة رقميًا، وتجعلها أكثر جاذبية للاستثمار والابتكار.
كيف تطورت مفهوم تجربة المستخدم؟
أوضح البطش أن مفهوم تجربة المستخدم يتطور بسرعة في العالم الرقمي، حيث انتقل من “النظام في المركز” إلى “المستخدم في المركز”، أي أن الهدف من التطبيق هو خدمة المستخدم لا تعقيد النظام.
وقال: “تطوير تجربة المستخدم يعتمد على تحليل السلوك الرقمي والبيانات التجريبية، لا الحدس”.
أهمية تحسين تجربة المستخدم في تطبيق “سند”
أكد البطش أهمية تحسين التجربة في “سند” لتبسيط الواجهات وإزالة التعقيدات التقنية، وتسريع التسجيل والتحقق عبر حلول ذكاء اصطناعي آمنة، ودمج التفاعل الصوتي والمحادثات الذكية لتوجيه المستخدمين، وتوفير تجربة متسقة عبر الأجهزة والمنصات.
التحديات التي تواجه تطبيق “سند”
من وجهة نظره، يرى البطش أن التحديات تشمل نقص الربط بين الأنظمة الحكومية، وعدم وجود تجربة موحدة وبسيطة، وقلة الوعي الرقمي، ومشكلات في الواجهة والتحقق الأمني.
كما أشار إلى نقص التحفيزات الرقمية للاستخدام الدوري (كالمكافآت أو الخدمات الشخصية)، وعدم التكيف مع الفئات المتنوعة (كالكبار في السن أو ذوي الاحتياجات الخاصة أو المناطق ذات الاتصال الضعيف).
فريق متخصص وقياس دوري
أكد البطش أن نجاح تطوير التجربة في “سند” يتطلب فريقًا متخصصًا في تجربة المستخدم، وذكاءً سلوكيًا لكل منصة حكومية، وقياسًا دوريًا لمؤشر الرضا الرقمي، مع استخدام تحليلات البيانات وسيناريوهات الاستخدام الواقعية لتصميم الخدمات الجديدة.
وقال: “إذا تم ذلك، يمكن لـ’سند’ أن يتحول من منصة خدمات إلى بوابة رقمية موحدة للمواطن الذكي، تمهيدًا لـ’الحكومة التفاعلية’ في الأردن”.
الأمر لا يقتصر على تجربة المستخدم
يرى الخبير التقني وصفي الصفدي أن تطوير “سند” لا يقتصر على تحسين الواجهة، بل يشمل إعادة هندسة العمليات الحكومية خلف الكواليس، لضمان تجربة آمنة وشفافة وفعالة حقًا.
وأضاف: “مستقبل ‘سند’ يكمن في تحويل التجربة من بيروقراطية رقمية إلى رحلة آلية وآمنة وشفافة ومسؤولة، مما يجعل التطبيق الخيار الأول لإنجاز المعاملات”.
وأشار الصفدي إلى أن تجربة المستخدم هي المعيار الرئيسي لنجاح أي مشروع رقمنة، خاصة في مبادرة وطنية كـ”سند” التي تهدف إلى أن تكون البوابة الرئيسية للخدمات الحكومية.
وقال: “الحاجة لتحسين هذا الجانب ملحة جدًا لضمان الانتشار الواسع والكفاءة الحكومية المرغوبة”.
ويرى الصفدي أن نجاح التجربة الفائقة اليسر يتطلب تصميمًا بديهيًا وجذابًا يركز على احتياجات المستخدم ويوفر الوقت والجهد.
وأشار إلى أنه إلى جانب تحسين التجربة، يجب توسيع الخدمات ذات الأولوية بإضافة الإجراءات الحكومية الأكثر طلبًا وتأثيرًا على حياة المواطنين.
وأكد الصفدي أهمية توفير قنوات دعم فعالة ومتاحة، من خلال خيارات مساعدة متنوعة والإرشاد، لضمان تجربة سلسة، وتخصيص ذكي وقيمة إضافية عبر استخدام البيانات لتقديم خدمات وإشعارات مخصصة تلبي الاحتياجات بشكل أفضل.
تسهيل تفعيل الهوية الرقمية
وفي سياق ذي صلة، أكد الصفدي أهمية تفعيل الهوية الرقمية وتبسيطها وحماية البيانات، من خلال التفعيل بالمقاييس الحيوية وتبسيط الإجراء الأولي ليتم عن بعد، باستخدام بصمة الوجه (أو المقاييس الحيوية).
وأشار إلى أهمية الحماية المتقدمة للبيانات، إذ يجب عدم تخزين البصمات الحيوية بصيغتها الأصلية، بل تشفيرها وتحويلها إلى قوالب رياضية غير قابلة للاستعادة، وتخزينها في بيئة آمنة.



