تسرب غاز الأمونيا في مدرسة خاصة بعمان يثير مخاوف أمنية جديدة

أدى حدوث تسرب لمادة كيميائية في إحدى المدارس الخاصة بعاصمة الأردن عمان يوم الأحد الماضي، أثناء إجراء تجربة علمية في مختبر المدرسة، إلى إصابة مجموعة من الطلاب والمعلمين بأعراض ضيق تنفسي.
يأتي هذا الحادث ضمن سلسلة من الوقائع المتشابهة التي واجهتها المدارس الأردنية على مدار السنوات السابقة، والمرتبطة باستخدام المواد الكيميائية في المختبرات، مما أثار جديداً تساؤلات بشأن مدى الالتزام ببروتوكولات السلامة من قبل الطلاب والمعلمين.
ففي عام 2012، أصيب 19 طالبًا ومعلمًا في مدرسة بالسلط شمال غرب عمان بالاختناق بعد استنشاق أبخرة مواد تنظيف كيميائية، بينما وقعت في عمان عام 2022 حادثة مشابهة أسفرت عن نقل عدة طلاب إلى المستشفى جراء استنشاق غاز كيميائي في مختبر مدرسة حكومية بمنطقة مرج الحمام.
وفي السنة نفسها، أدى تفاعل مواد كيميائية في مدرسة بلواء الرصيفة بمحافظة الزرقاء إلى تصاعد أبخرة، مما دفع إلى إخلاء المبنى وتشكيل لجنة لفحص المختبرات.
وكان آخر هذه الوقائع تسرب غاز الأمونيا داخل مختبر المدرسة الخاصة بعمان، مما أثار عودة الأسئلة حول نوعية المواد الكيميائية المستخدمة والتدابير الوقائية التي يتبعها الطلاب والمعلمون.
وتؤكد وزارة التربية والتعليم التزامها الكامل بفرض معايير السلامة في كافة المدارس، وقد شكّلت لجاناً متخصصة لتتبع تفاصيل الواقعة وتحديد أسبابها، إلى جانب مراجعة الإجراءات الاحترازية في المختبرات المدرسية.
ووفقاً للمعلومات الأولية، يُعزى التسرب إلى غاز الأمونيا، الذي يُعرف بتأثيره الشديد على الجهاز التنفسي.
خصائص غاز الأمونيا ومخاطر التعرض له
يشرح أستاذ الكيمياء بهاء أبو هيض أن غاز الأمونيا هو غاز عديم اللون برائحة نفاذة تشبه المنظفات، ويُرمز له كيميائياً بـNH₃، مشيراً إلى أنه قابل للذوبان ويُستخدم في المختبرات تحت شروط وإجراءات دقيقة لضمان أمان الطلاب والمعلمين.
أما عن الآثار الناتجة عن التسرب، فيؤكد أبو هيض أن الغاز يُسبب تهيجاً في الجهاز التنفسي والعيون والجلد، حيث يتحول عند الاستنشاق إلى مادة قلوية تُؤثر على الأغشية المخاطية في الأنف والحلق والحنجرة، وقد يؤدي إلى تهيج القصبات الهوائية وصعوبة التنفس، خاصة لدى الأشخاص ذوي التاريخ المرضي مثل الربو، وفي الحالات المتقدمة قد يصل الأمر إلى الاختناق.
ويشدد على أن التعامل مع الأمونيا يستلزم إجراءات مشددة، مثل تخزينها في أسطوانات معدنية محكمة الإغلاق، ووضعها في أماكن ذات تهوية ممتازة بعيداً عن الشمس، واستخدامها تحت شفاط الغازات لمنع انتشار الأبخرة، مع ارتداء قفازات ونظارات واقية وأقنعة غاز عند التعامل بكميات كبيرة، مؤكداً أن الطلاب يجب أن يُدرَّسوا هذه الإجراءات قبل التجارب، وأن يُشرف عليهم معلمو العلوم أو الكيمياء.
كما يؤكد على أهمية وجود ملف طبي لكل طالب يشمل سيرته المرضية، مع إخطار الآباء والإدارات بحالته الصحية، لتجنب أي مخاطر أثناء التعامل مع المواد الكيميائية، مما يضمن بيئة تعليمية آمنة للجميع.
أهمية التجارب العلمية.. مع الحذر
يؤكد أبو هيض أن الواقعة لا تُقلّل من قيمة المختبر في تعزيز الإدراك العلمي لدى الطلاب، إذ يُساهم التطبيق العملي في ترسيخ المفاهيم والمصطلحات الدراسية أكثر من الجانب النظري وحده، ويُمكّن الطلاب من الاستنتاج والتحليل، مما يطيل فترة الاحتفاظ بالمعلومات.
ويوضح أن تنفيذ التجارب يجب أن يتم دائماً وفق إرشادات المختبر وتوجيهات معلمي العلوم لضمان السلامة، وأن المختبر عنصر أساسي في العملية التعليمية يُضاهي أهمية الكتب الدراسية، حيث تتضمن كتب الأنشطة العلمية في الثانوية تجارب عملية للتعليم المباشر.
ويُشير إلى أن المحاكاة الرقمية للتجارب متوفرة كأداة مساعدة، لكنه يُفضّل التطبيق العملي في المختبر خاصة في الثانوية، لأن التجربة الحية تُقدّم تعلماً أعمق وأكثر تأثيراً من الوسائل الإلكترونية المعزولة.
إجراءات الوزارة وتحديثات الحادث
من جانبه، يؤكد مدير تربية لواء الجامعة الدكتور مازن هديرس أن الوزارة اتخذت خطوات فورية بتشكيل لجنة تحقيق للوقوف على الحقائق المتعلقة بالحادث، مشيراً إلى أن الوزارة ستُستمر في إنشاء لجان مشابهة في كل المدارس الحكومية والخاصة لفحص المواد الكيميائية في المختبرات والتأكد من تطبيق إجراءات السلامة وفق المعايير الصحية، بالتنسيق مع وزارة البيئة ومديرية الدفاع المدني.
ويُضيف هديرس أن الوزارة تُدمج التقنيات الحديثة مثل الألواح التفاعلية والسبورة البيضاء لإجراء التجارب العلمية بأمان، مع الحرص على جودة التعليم وتمكين الطلاب من اكتساب الخبرة العملية دون مخاطر.
وفيما يخص نتائج التحقيقات الميدانية، يُؤكّد هديرس أن الواقعة قد سُيطِرَ عليها تماماً، وأن جميع الحالات المُحالة إلى المستشفيات قد فُحِصَتْ، مع اقتراب معظم المصابين من الخروج خلال ساعات، باستثناء حالة واحدة ذات تاريخ مرضي يشمل الربو وأمراض صدرية مزمنة، والتي ما زالت تحت الرعاية الطبية.
ويُشير إلى أن الوزارة تابعت سير الدوام في المدرسة صباح الاثنين، مؤكداً أن العملية التعليمية تسير بانتظام، وأن نسبة الحضور بلغت حوالي 97% في المدرسة والمدارس المجاورة، معبراً عن إعجابه بوعي المجتمع بأهمية الالتزام بالتدابير الوقائية.
أبرز الحوادث السابقة المتعلقة بالمواد الكيميائية في المدارس الأردنية:
- 2012 – السلط: إصابة 19 طالبًا ومعلمًا بالاختناق من أبخرة مواد تنظيف كيميائية.
- 2022 – مرج الحمام (عمان): نقل طلاب إلى المستشفى بعد استنشاق غاز كيميائي في مختبر حكومي.
- 2022 – لواء الرصيفة (الزرقاء): تصاعد أبخرة كيميائية أدى إلى إخلاء المدرسة وفحص المختبرات.



