رحلات نهاية الأسبوع في الأردن: ملاذ سكان عمّان لاكتشاف جمال المملكة

شهدت ثقافة العطلات الأسبوعية لدى سكان العاصمة عمّان تحولاً جذرياً في السنوات الأخيرة؛ فبدلاً من قضاء الوقت في المنازل أو المراكز التجارية، أصبح التوجه نحو إعادة استكشاف خبايا الوطن هو الخيار الأمثل. وتساعد الطبيعة الجغرافية للأردن، بمسافاتها المتقاربة وتنوع تضاريسها بين الجبال الشاهقة، والصحراء الممتدة، وشواطئ البحر، في جعل “الرحلات القصيرة” خياراً متاحاً وواقعياً للجميع، حتى لأصحاب الميزانيات الاقتصادية.
لماذا يفضل الجميع الرحلات الداخلية القصيرة؟
تتميز السياحة الداخلية ببساطتها، فهي لا تستلزم تأشيرات سفر أو مبالغ طائلة. يكفي خزان وقود ممتلئ، وبعض الوجبات الخفيفة، وحجز متواضع في مخيم أو نزل ريفي لصنع عطلة استثنائية. ولهذا السبب، يميل الكثير من العمانيين لاستغلال يومي العطلة للهروب من صخب العاصمة نحو هدوء البحر الميت أو نسمات جبال عجلون المنعشة.
وتوفر هذه الرحلات حلولاً مثالية لمختلف الشرائح:
- العائلات تجد فيها بيئة آمنة وترفيهية للأطفال.
- الطلاب يعتبرونها متنفساً ضرورياً للابتعاد عن ضغوط الدراسة.
- الموظفون يرون فيها فرصة للتحرر من شاشات العمل وتجديد النشاط. كما تعزز هذه التجارب شعور الفخر الوطني، حيث يدرك السكان أن الجمال الذي يقصده السياح من الخارج متاح بين أيديهم طوال العام.
خيارات متنوعة بالقرب من العاصمة
يوفر الانطلاق من عمّان مرونة كبيرة، حيث لا تبعد معظم الوجهات السياحية سوى ساعات قليلة بالسيارة. هذا القرب الجغرافي يتيح تصميم الرحلة بما يتناسب مع الميزانية، وحالة الطقس، والاهتمامات الشخصية، سواء كانت رحلة تاريخية، أو مغامرة شيقة، أو مجرد بحث عن السكينة.
وفيما يلي أبرز الوجهات المفضلة للرحلات القصيرة:
- البحر الميت (استجمام وهدوء): يُعد الوجهة الأولى للباحثين عن الاسترخاء في أخفض بقعة في العالم، حيث المياه المالحة وغروب الشمس الساحر، مع إمكانية الاستفادة من عروض الدخول اليومي للمنتجعات لتقليل النفقات.
- جرش وعجلون (تاريخ وطبيعة): رحلة تجمع بين عبق التاريخ في الآثار الرومانية بجرش، وسحر الطبيعة في غابات عجلون، تتخللها وقفات لتذوق الأطباق الريفية في القرى المجاورة.
- وادي رم (سحر الصحراء): وجهة مثالية للراغبين في تجربة مختلفة كلياً، حيث المبيت في المخيمات تحت سماء مرصعة بالنجوم، وجولات سيارات الدفع الرباعي بين الجبال الرملية.
- مادبا وجبل نيبو (إطلالات تاريخية): زيارة مدينة الفسيفساء والوقوف على مطل جبل نيبو يمنح الزوار درساً حياً وممتعاً في الجغرافيا والتاريخ الديني.
غالباً ما يعود المسافرون من هذه الرحلات بشعور أن العطلة كانت أطول من مدتها الزمنية الفعلية، حيث يساهم تغيير المكان في إعادة ترتيب الأفكار والاستعداد للأسبوع الجديد بطاقة إيجابية.
التخطيط الذكي لعطلة ممتعة
يبدأ التحضير للرحلة عادةً مساء الأربعاء أو صباح الخميس، حيث يتم الاتفاق جماعياً على الوجهة، وتوزيع المهام بين الحجوزات، وتجهيز الطعام، وتفقد جاهزية المركبة. هذا العمل التشاركي يخفف الأعباء ويجعل من التخطيط جزءاً من متعة الرحلة.
وتلعب الميزانية دوراً أساسياً في تحديد شكل الرحلة؛ فالبعض يفضل بساطة المخيمات وبيوت الضيافة، بينما يميل آخرون للفنادق المتوسطة. وفي كلتا الحالتين، يتجه سكان عمّان لتقليص نفقات المبيت لصالح الإنفاق على التجارب الممتعة، مثل المسارات، والجولات البحرية، وزيارة المعالم الأثرية.
نصائح لتعزيز تجربة السياحة الداخلية
لا تقتصر السياحة الداخلية على مالكي السيارات الخاصة، إذ يمكن الاستفادة من شبكة الحافلات والرحلات الجماعية المنظمة التي تنطلق دورياً من عمّان. ولضمان رحلة ناجحة، يُنصح باتباع ما يلي:
- اختيار التوقيت المناسب: التوجه للمناطق الدافئة كالبحر الميت والعقبة شتاءً، والمرتفعات الجبلية كالسلط وعجلون صيفاً.
- تنوع الأنشطة: دمج الزيارات الأثرية مع المشي في الطبيعة وتجربة المطاعم المحلية لإثراء البرنامج.
- دعم الاقتصاد المحلي: شراء المنتجات المنزلية (مثل الجبن والمربى) من سكان القرى يضيف بعداً إنسانياً للرحلة ويدعم المجتمع.
- الابتعاد عن التكنولوجيا: تخصيص أوقات للاستمتاع بالمشاهد الطبيعية بعيداً عن شاشات الهواتف لترسيخ الذكريات.
بهذه الخطوات، تتحول عطلة نهاية الأسبوع إلى بوابة لاكتشاف الأردن من جديد، مؤكدة أن السفر الممتع لا يتطلب طائرة، بل يكفي طريق قصير يربط روتين الحياة بجمال الطبيعة الممتد خارج حدود المدينة.



