رالي باها الأردن: أكثر من مجرد سباق.. رافعة اقتصادية ومنصة ترويجية عالمية

تجاوز رالي باها الأردن مفهومه التقليدي كمحطة موسمية في أجندة رياضة المحركات، ليتحول خلال السنوات الأخيرة إلى نموذج حي يجسد كيفية استثمار الفعاليات الرياضية الكبرى لخدمة أهداف التنمية الشاملة. فقد بات الحدث أداة استراتيجية لتعزيز الاقتصاد الوطني، والترويج للمقومات السياحية للمملكة، وترسيخ مكانة الأردن كوجهة عالمية قادرة على استضافة كبريات البطولات.
العقبة ووادي رم: مسرح للرياضة ومحرك للاقتصاد
تأتي استضافة النسخة الحالية من الرالي، التي تمثل الجولة الثانية من بطولة كأس العالم للراليات الصحراوية القصيرة (كروس كاونتري)، ضمن رؤية وطنية شاملة تهدف إلى تحويل الرياضة لمورد اقتصادي ومحفز سياحي. وقد تجلى هذا التوجه باختيار مدينة العقبة لاحتضان الفعاليات، نظراً لمكانتها كبوابة بحرية وواجهة سياحية استراتيجية، حيث تتحول المدينة الساحلية سنوياً إلى ساحة تجمع بين إثارة المنافسة الرياضية والترويج السياحي، مما يساهم في تحريك عجلة السوق المحلي وضخ دماء جديدة في الشرايين الاقتصادية للمدينة.
وتمتد التأثيرات الإيجابية لهذا الحدث لتشمل منطقة وادي رم الخلابة، التي تشكل مساراتها الصحراوية عنصر الجذب الأبرز للمتسابقين. وتتحول المنطقة خلال أيام السباق إلى خلية عمل دؤوبة، حيث تسجل الفنادق والمطاعم وقطاع النقل والأسواق التجارية نشاطاً استثنائياً بفضل تدفق الوفود من متسابقين وفرق فنية وإعلاميين وزوار، وهو ما ينعكس بشكل مباشر وفوري على زيادة حجم الإنفاق المحلي، مؤكداً الدور المحوري للفعاليات الرياضية في التنمية المحلية.
حضور دولي وزخم إعلامي واسع
اكتسب رالي باها الأردن زخماً جماهيرياً متصاعداً حوله إلى حدث مجتمعي شامل، يتجاوز اهتمام النخبة الرياضية ليشمل مختلف شرائح المجتمع، معززاً بذلك ثقافة رياضة المحركات في الأردن. وعلى الصعيد الدولي، رسخ الرالي مكانته المرموقة بمشاركة نحو 90 متسابقاً من مختلف دول العالم في النسخة الأخيرة، مما أضفى عليه طابعاً عالمياً وجعل منه منصة تنافسية تروج لاسم الأردن في المحافل الرياضية الدولية.
ويواكب هذا الحضور الدولي تغطية إعلامية مكثفة عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية، تضاف إليها القوة الترويجية للمنصات الرقمية الخاصة بالمشاركين والفرق، مما يضاعف من حجم الانتشار ويحول الرالي إلى حملة ترويجية مجانية وفعالة للأردن، تمتد آثارها الإيجابية لفترات طويلة بعد انتهاء المنافسات.
منظومة تنظيمية متكاملة ومعايير سلامة عالمية
يرتكز نجاح باها الأردن على هيكل إداري وتنظيمي صلب، قوامه أكثر من 350 شخصاً يعملون ضمن لجان متخصصة بتنسيق عالٍ مع كافة الجهات الحكومية والأمنية والخدمية. ويحظى الحدث بدعم لوجستي وفني وأمني متكامل، بمشاركة واسعة من المتطوعين وكوادر طبية متخصصة من الدفاع المدني والخدمات الطبية الملكية، لضمان سير الفعاليات وفق أعلى المعايير.
وتولي الجهات المنظمة عناية فائقة بجوانب السلامة العامة، حيث يتم تجهيز مسارات الرالي بخطط مدروسة تشمل نشر وحدات للتدخل السريع والإطفاء والإنقاذ والإسعاف، بالإضافة إلى تنفيذ حملات توعوية للجمهور والزوار حول إجراءات السلامة. وقد ساهم هذا المستوى الاحترافي في التنظيم بتعزيز سمعة الرالي كأحد أهم جولات بطولات “الباها” المعتمدة رسمياً من الاتحاد الدولي للسيارات والاتحاد الدولي للدراجات النارية، مؤكداً جدارة الأردن كوجهة آمنة وموثوقة للرياضة العالمية.



